أدانت محكمة الجنايات الفرنسية في جيروند، الواقعة بمدينة بوردو، يوم 28 مارس 2025، رجل « منير بوطاع » بالسجن المؤبّد، في جريمة قتل زوجته السابقة « شاهيناز داوود ».
تتعلّق القضية بجريمة قتل « شاهيناز داوود » (جزائرية مقيمة بفرنسا)، البالغة من العمر 31 سنة، وأمّ لثلاثة أطفال (5، 8، 13 عاما)، والتي قتلها الجاني بتاريخ 4 ماي 2021 في ميرينياك، جيروند، مدينة بوردو بفرنسا. حيث أطلق الجاني النار عليها بواسطة مسدس، أصابها في رجليها، ثمّ سكب البنزين عليها وأحرقها وهي حيّة.
جريمة قتل شاهيناز داوود جاءت بعد سلسلة من العنف المتواصل والمستمرّ وسط تجاهل واستخفاف السلطات الأمنية بفرنسا.
#كرونولوجيا سلسلة العنف التي طالت الضحية والتي انتهت بقتلها (وفقًا لوسائل الإعلام الفرنسية التي غطت الجريمة ومجريات المحاكمة):
– وُلد منير بوطاع عام 1976 في الجزائر العاصمة، كان يعمل بناء، وحصل على الجنسية الفرنسية بعد زواجه الأول من امرأة فرنسية، أنجب معها ثلاثة أطفال، كان مُدمن كحول. قامت زوجته الفرنسية بالتبليغ عنه بسبب تعنيفها عدة مرات أمام أطفالهما وانتهى زواجهما بالطلاق في عام 2015.
– تمت إدانته سبع مرات بتهم « العنف باستخدام سلاح »، و »السرقة مع التدمير أو التخريب »، و »العنف الزوجي في حضور قاصر ».
– ولدت شاهيناز داوود يوم 3 مارس 1990 في مدينة الرويبة، بالجزائر. لديها طفلان من زواج سابق، تعرفت على منير بوطاع في عام 2015 في الجزائر، التحقت به في فرنسا في مارس 2016، وتزوجا هناك، حصلت على الجنسية الفرنسية وأنجبت منه طفلاً.
– الجاني كان زوجًا مُتسلّطًا ومُتحكّمًا، كان يُهدّد الضحية ويعزلها عن العالم الخارجي، بلّغت عنه أربع مرّات (من 2018 إلى 2020) عن تعنيفها وسيطرته القيسرية ضدّها.
– في 23 جوان 2020، تعرضت شاهيناز داوود للضرب العنيف من طرف الجاني بسبب حسبه « ارتدائها الجينز »، تقدمت بشكوى في اليوم الموالي بسبب تعرضها للخنق والتهديد بسكين. وفي 25 جوان 2020 (بعد يومين)، أُدين في محاكمة فورية بتهمة العنف المتكرر، وحُكم عليه بالسجن 18 شهرًا، منها 9 أشهر نافذة.
– في 7 أوت 2020، قدمت شهيناز داوود شكوى بتهمة المضايقة والتحرّش الهاتفي، رغم أن زوجها كان مسجونًا وممنوعًا من الاتصال بها. وفي 2 أكتوبر 2020 (بعد ثلاث أشهر)، تم استدعاؤه للتحقيق حول هذه الاتصالات الهاتفية.
– لم تُبلغ الشرطة الفرنسية النيابة بعدم احترامه لإجراءات الابعاد القانوني إلا في 10 ديسمبر، النيابة أغلقت القضية دون متابعة، ولم تُخطر لا المسؤول عن قضايا العنف الأسري ولا قاضي تنفيذ العقوبات. وفي هذه الأثناء، استفاد الجاني من تخفيف العقوبة وأُطلق سراحه في 9 ديسمبر 2020 مع إخضاعه للمتابعة القضائية، دون إبلاغ شهيناز داوود بذلك. ومع ذلك، لم يلتزم بالإبعاد القانوني من منزلها.
– في 15 مارس 2021، تقدمت شهيناز بشكوى جديدة بعد أن قام بضربها ومحاولة خنقها، وتم نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج في وحدة الطوارئ الخاصة بضحايا الاعتداءات. وبعد أيام، اتصلت مجددًا بمركز الشرطة لإبلاغهم بأنه يهددها بالقتل، لكن الشرطة اكتفت بدوريات متفرقة في حيّها.
– في 26 مارس و14 أفريل 2021، حضر الجاني إلى مواعيد متابعة في مصلحة الإدماج والمراقبة العقابية، دون أن يتم توقيفه.
– وفي 4 ماي 2021، عند الساعة 18:15، وبينما كانت شهيناز داوود تخرج من منزلها لاصطحاب أطفالها، باغتها الجاني بعدما كان مختبئًا لها، فأطلق النار عليها مرتين في ساقيها، ثم سكب عليها سائلًا قابلاً للاشتعال وأضرم النار فيها وفي المنزل، وذلك أمام أعين ابنها الأكبر. توفيت شهيناز داوود محترقة حية، وتم القبض على الجاني بعد وقت قصير.
– في 6 ماي 2021، وُجِّهت إلى الجاني تهمة « القتل العمدي، والتدمير العمدي عن طريق الحرق، والعنف المتعمد باستخدام سلاح وبحالة الابعاد القانوني »، وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي. أثناء احتجازه في العزل، أضرم النار في ثلاجة زنزانته وحاول الاعتداء على الحراس في 27 جويلية 2021.
– في 28 فيفري 2024، أُعيد تصنيف التهمة إلى جريمة « الاغتيال » (القتل العمد مع سبق الإصرار)، وفقًا لمطالب النيابة.
– افتتحت المحاكمة في 24 مارس 2025، وخلالها، بعد عرض صور الجريمة، تبنى الجاني دور الضحية قائلاً: « لقد أذتني كثيرًا لدرجة أنني لم أشعر بشيء. لا أشعر بالذنب.
– رأت محامية الدفاع أن « الاضطراب النفسي هو السبب وراء الجريمة »، بينما أكد محامي الطرف المدني أن هذه « البارانويا » تتماشى مع النمط الشائع لمرتكبي جرائم قتل النساء: « يمثل منير بوطاع النموذج المثالي للجناة في قضايا قتل الشريك: عدم القدرة على تحمل الانفصال، البارانويا، الرغبة في السيطرة، ووضع نفسه دائمًا في دور الضحية. »
– في 28 مارس 2025، حُكم على الجاني بالسجن مدى الحياة، مع فترة أمان مدتها 22 عامًا، كما جُرّد من حقوقه الأبوية على ابنهما. رفضت المحكمة منحه تخفيضًا في العقوبة بسبب « خطورته الاجتماعية ».
أثارت جريمة قتل شاهيناز داوود، وهي الجريمة الـ 39 التي تمّ رصدها في جرائم قتل النساء في فرنسا عام 2021، غضبًا واسعًا، ودفع الحكومة إلى فتح تحقيق في تقصير السلطات.
خلّفت الجريمة أيضًا تساؤلات جدّية عن سبب عدم توفير وسائل حماية لـ شهيناز داوود، مثل هاتف الطوارئ أو السوار الإلكتروني، ولماذا لم يُعتقل الجاني رغم تاريخه العنيف وسوابقه العدلية.
كشف التحقيق عن إخفاقات خطيرة من طرف السلطات الأمنية الفرنسية في متابعة الجاني وحماية الضحية، إذ أُنجز تقييم للخطر لكنه لم يُنفذ بجدية. في 10 جوان 2021، أعلنت الحكومة عن إجراءات جديدة، منها توزيع 3000 هاتف طوارئ إضافي ومحاسبة المسؤولين عن التقصير.
كما كُشف أن الشرطي الذي سجل شكوى الضحية كان قد أُدين بالعنف الأسري لكنه استمر في عمله، ما أثار جدلًا واسعًا. وفي مارس 2021، توجه الجاني بنفسه إلى مركز الشرطة، لكن لم يتم التعرف عليه أو إيقافه بسبب خلل في نظام البحث.
ويرى محامو الطرف المدني أنّ المشكلة الرئيسية كانت في الإهمال بمتابعة القضية، مما سمح للجاني بتنفيذ جريمته رغم التحذيرات والتبليغات المتكررة من طرف شاهيناز داوود.
ونعتبرُ أنّ هذه الجريمة تسلط الضوء على فشل الحماية القانونية والاجتماعية للضحايا من العنف المنزلي، حيث لم يتم التعامل مع التهديدات المتكررة التي تلقتها شاهيناز داوود بالجدية المطلوبة، مما أدى في النهاية إلى قتلها.
على الرغم من سجل الجاني الحافل بالعنف، إلا أن الاستجابة الأمنية والقضائية لم تكن حازمة بما يكفي لمنعه من الوصول إلى ضحيته: التراخي في تنفيذ قرارات الإبعاد، عدم اتخاذ إجراءات صارمة بعد البلاغات المتكررة، وإطلاق سراحه دون إبلاغ الضحية، كلها عوامل ساهمت بشكل مباشر في وقوع الجريمة.
كلّ التضامن مع عائلة الضحية..
مصادر:
https://fsu33.fsu.fr/cp-24-mars-2025-justice-pour-chahinez-daoud/?utm_source=chatgpt.com